أجرى موقع مزن على شبكة الإنترنت حوارا مع
العلامة المجاهد السيد هادي المدرسي رفض فيه الفكرة القائلة بأن
الصحوة الإسلامية على صعيد الأمة تعيش حالة من الانحسار مؤكدا انها
تسير في خط بياني من مرحلة الانتشار إلى مرحلة التجذر، وطبيعي في
مرحلة التجذر ان تتهاوى العناصر الضعيفة وتثبت الإرادات القوية.
وتطرق البحث في هذا الحوار إلى حالة التشكيك التي تظهر بين حين
وآخر لدى البعض من الرساليين حيث اعتبر سماحة السيد المدرسي هذه
الحالة ظاهرة طبيعية وأكد في الوقت نفسه ضرورة مواجهة ذلك علميا
عندما يكون التشكيك منهجية خاطئة تسير في خط مواز للإيمان.
وردا عن سؤال حول أبرز المعالم العلمية والاجتماعية المتوفرة في
شخصية المرجع آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي اعتبر
السيد هادي المدرسي ان سماحة المرجع المدرسي هو مجتهد
نهضوي يجمع بين الحالة النهضوية والمسائل الفقهية مؤكدا انه في كل
مرة تجتمع هاتان الصفتان في أحد المراجع تشكل نقلة نوعية في حياة
الطائفة كما حدث بالنسبة للإمام الخميني (قدس) حيث جمع بين الأمرين
واستطاع ان يفجر أكبر ثورة في التاريخ المعاصر وقبله بالنسبة
للمرحوم الميرزا حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك والميرزا محمد تقي
الشيرازي صاحب ثورة العشرين في العراق.
س1: في فترة من الفترات وبعد انتصار الثورة
الاسلامية في ايران بالذات، كان هناك اعتقاد بأن الصحوة الإسلامية
تعيش حالة من التمدد والانتشار، ولكن في هذه الفترة بدأ ينتشر في
الوسط اعتقاد معاكس وهو أن المد الإسلامي يسير باتجاه الانحسار
وذلك لعدة أمور:
أولاً: ظهور بعض الأفكار التشكيكية، التي تشكك أساساً في المضمون
والفكر الإسلاميين.
ثانياً: تراجع حالة التدين في الوسط الشبابي، والتأكيد على الشريحة
الشبابية راجع إلى أن ما قيل من تمدد في الصحوة الإسلامية إنما هو
بسبب ما ظهر من تفاعل والتزام ديني في الوسط الشبابي، أما الآن فإن
الوسط الشبابي في مناطق الخليج وغيرها في حالة من الانحسار من
الجهة الدينية.
فهل تعتقدون أن الحالة الإسلامية في حالة انحسار فعلا، وأن المد
الإسلامي في حالة تراجع أم لا ؟
ج1/ بسم الله الرحمن الرحيم
ورحم الله حبيبنا الشيخ الشبيب الذي من آثاره هذه النشاطات
الموجودة خاصة في شبكة الأنترنت والصفحة التي تقيمون عليها.
أنا أعتقد أن الصحوة كانت موجة في حالة الانتشار ولكنها الآن في
حالة التجذر، ربما تلك الموجه بتلك الطريقة بدون التجذر لم تكن
مطلوبة، وأساساً كل الديانات كانت تبدأ وتنتشر على الأفق بشكل أفقي
ثم كانت تتجذر بشكل عمودي في الأرض، ولذلك الأنبياء(ع) كان عندهم
حوار بين من يهتمون بهم باعتبارهم هم الأعمدة الحقيقية، ولم يكونوا
يهتمون بالناس بشكل عام إلا بمقدار معين، ولذلك أنا لا أعتقد أن
الصحوة في حالة تراجع وإنما أولئك الذين جاءوا بناءً على الموجة قد
يتراجعون، ولكن الذين يعبدون الله بعواطفهم وبعقولهم وبكليتهم حسب
تعبير الإمام الصادق (ع) هؤلاء لايمكن أن يتراجعوا في يوم من
الأيام.
 |
المسألة الأخرى: أساسا لايوجد تقدم لفئة من الفئات أو لعمل من
الأعمال بخط بياني صاعد بدون انتكاسات وبدون بعض التراجعات، يعني:
لو أخذنا بعين الاعتبار حياة الإنسان، يولد الطفل في صحة جيدة ثم
تنتكس صحته يصبح مريضاً ضعيفاً ثم يرجع إلى حالاته الأولى ويستمر
في النمو، المهم أن يستمر في النمو مع قطع النظر عن بعض الإنتكاسات
الصحية ، أنتم حينما تنظرون إلى عدد البشر مثلا ترى أنه في تصاعد
بالرغم من أنه أحياناً تكون هنالك حروب تدمر وتقضي على أعداد هائلة
من البشر كما حدث في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية
الثانية التي طحنت سبعين مليون من البشر لكن البشرية في النتيجة
النهائية في حالة زيادة في العدد، كذلك بالنسبة إلى الصحوة
الإسلامية وتمسك الناس في العالم ككل بالإسلام، بمعنى إن الإسلام
دين يحتفظ لنفسه منذ سنوات بنسبة نمو شبه ثابتة وهي أعلى نسبة
بالقياس إلى كل الديانات ، 15% المسلمون في حالة تزايد، تصور بعد
أحداث 11 سبتمبر والموجة المضادة في ظاهر الأمر للإسلامين نجد في
الولايات المتحدة الأمريكية أن المؤيدين للإسلام حسب جريدة
(نيويورك تايمز) كانوا قبل هذه الأحداث 49% والآن 69%، وأن الذين
يسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية زاد عددهم ولم ينقص، والذين
رغبوا وحاولوا في السنة الماضية المجيء إلى الحج كانوا بنسبة وفي
هذا العام أصبح عددهم أكبر.
أنا أعتقد إن الإعلام المضاد أحياناً يضخم بخلاف الحقيقة الموجودة
على الأرض فالصحوة في حالة تقدم لا في حالة تراجع ، نعم أولئك
الذين جاءوا بناءً على الموجه العامة ربما يتراجعون وهذا أمر
طبيعي، إضافة إلى أننا أساساً يجب أن لاننسى أن امتحان الله
وابتلاءه لاينتهي بالنسبة للبشر كما قال تعالى: "أحسب الناس أن
يتركو أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم
فليعلمن الله اللذين صدقوا وليعلمن الكاذبين".
يعني تأتي الموجة ثم هذه الموجة قد تصطدم، ولنفترض أنها مثل موجة
البحر تصطدم بصخور صماء فينقلب الموج على نفسه لكن الأمواج تستمر ،
الأمواج لاتتوقف، فيمكن أن يتراجع بعض الشباب ولكن هل معنى ذلك أن
هذا التراجع سينتهي إلى نهاية تمسك الشباب بالإسلام بإعتبار أن
البعض تراجع، البعض سقط في الإمتحان ولعل غيره أيضاً يسقط، لكن
النتيجة النهائية هو الزيادة في عدد الملتزمين وتجذر بالنسبة إلى
الذين بقوا و استمروا ولم تخدعهم المظاهر ولم يأتوا إلى الاسلام
بناءً على أن الناس جاءوا إنما بناءً على قناعة قلبية ورجوع إلى
الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، هؤلاء يبقون ويتجذرون.
س2: إذاً إلى ماذا نعزو تجدد أو ظهور –
لانقول تنامي- حالة التشكيك في الوسط، والتشكيك من نوعين: تشكيك في
جدارة الدين على مواجهة العصر وقيادة المرحلة، والتشكيك في الأمور
الاعتقادية والذي بعضها يطال النبوة أو الإمامة والولاية ونازلاً ،
هذه الحالة من التشكيك التي بدأت الآن تظهر في الوسط في وسط من كان
ملتزماً أو في وسط من كان له دور توعوي أو ما إلى ذلك، إلى ماذا
نعزو هذه الحالة؟
ج2/ أنا أعزوها إلى سوء حظ من يفعل ذلك وقلة توفيقه، أضف إلى ذلك
أننا دائماً في حالة تحد ، يعني التشكيك كخط مواز للإيمان يستمر –
كما لوحظ ذلك في سائر الديانات - وسيستمر إلى نهاية الحياة وهذه
ظاهرة طبيعية كما أنه إلى جنب النهار ليل إلى جنب النور ظلمة إلى
جنب موسى فرعون كذلك إلى جنب الإيمان التشكيك ، وبالنسبة لنا هذا
هو التحدي ، في كل يوم التشكيك يأخذ شكلا معينا ، لعله في يوم من
الأيام التشكيك في وجود الله ثم التشكيك في أن الله بعث أنبياء ثم
التشكيك في مناهج الأنبياء ثم التشكيك في صلاحية هذه المناهج لكل
زمان ومكان ثم التشكيك في أشخاص الأنبياء وأشخاص المعصومين ، هذا
التشكيك بالنسبة لنا تحد ، وعلينا أن نجيب على الأسئلة المطروحة في
كل وقت وفي كل زمان وأن نطور أساليبنا واجتهاداتنا وأن نحسب حسابا
للمتغيرات في حياتنا اليومية.
أما أن الإسلام يصلح لقيادة الحياة أو لايصلح فهذا أمر مفروغ منه
بالنسبة لنا ، والدليل على ذلك أن الاسلام وهو محكوم تأثيره على كل
الحاكمين، ويمكن لنا أن نأخذ العراق مثالا على ذلك، فمنذ 1969يعني
منذ 33 عاماً يحكم هذا البلد نظام يجاهر ويعلن بأنه ضد الإسلاميين
وما استطاع هذا النظام أن يلغي من حياة العراقيين مفردة بسيطة
ترتبط بمستحب من المستحبات التي نؤمن بها وهو المشي على الأقدام
وزيارة الائمة الطاهرين (ع) وما استطاع أن يقنع الناس أن لا يتركوا
أعمالهم في المناسبات الدينية ويهبوا لزيارة الإمام الحسين عليه
السلام وفي عرفة هذا العام يتوقعون (7) ملايين زائرا لقبر أبي
عبدالله الحسين عليه السلام في كربلاء يعني أكثر من ضعف عدد الحجاج
الذين يأتون لزيارة النبي (ص) والأئمة الطاهرين في البقيع وزيارة
بيت الله الحرام .
أقول إن التحدي مختلف في مكان دون
مكان آخر، ولكن كما التحدي اختلف لابد أن تكون الإستجابة والمقاومة
والإجابة من قبلنا مساوية للتحديات تلك .
متابعة القسم الثاني من الحوار
في الصفحة التالية
>>>>>>
|